المدرسة
تُعدُ المدرسةُ إحدى الهيئات الرسمية في المجتمع، والتي تتولى وظيفة تنشئة الأبناء، والعمل على رفع قُدراتهم ومهاراتهم في شتى المجالات، فهي تعمل إلى جانب الأسرة في التنشئة الاجتماعية للفرد وزرع القيم الإنسانية لديه.
تعريف المدرسة
هناك العديد من التعاريف التي بيّنت ماهية المدرسة وأهم وظائفها، ومن هذه التعاريف ما يلي:
- مؤسسة أوجدها المجتمع من أجل إعداد أفراد الجيل الجديد، وتعليمهم المشاركة في النشاطات الإنسانية التي تكثر في حياة الجماعة، ودمج هذا الجيل في المجتمع والعمل على تكييفه معه من حيث الأفكار والفلسفة والأهداف.
- مؤسسة نظامية اجتماعية تربوية أنشأتها الحكومة أو المجتمع، للعمل على تربية الأفراد وإعدادهم في إطارٍ معيّنٍ من البرامج والمناهج المحددة.
- مؤسسة أو تنظيم، يعمل على توجيه العملية التعليمية التوجيه الصحيح وهذا أساس قوتها، فهي لم تعد كما كان معروفاً سابقاً أنّ دورها الأساسي في المحافظة على تراث المجتمع الثقافي وقيمه، ونقله من جيلٍ إلى آخر، وتعليم الطلاب القراءة والكتابة بالطرق القديمة كالتلقين، بل تطورت وأصبحت المدرسة هي المكان التربوي الذي يهتم بتربية الطفل تربيةً سليمةً من الناحية الجسمية والعقلية، والعاطفية، بهدف تكوين الشخصية المتزنة والمتوازنة.
- مؤسسة رسمية، تم إنشاؤها لحاجة المجتمع لها، وذلك بتكوين العلاقات الاجتماعية داخلها، للقيام بالوظائف التربوية المحددة لها، والتي تهدف إلى تنشئة الطالب من جميع الجوانب الضرورية، وذلك من أجل المحافظة على المجتمع وبقائه.
أما علماء التربية الأجانب فقد عرّفوا المدرسة بأنّها:
- تعريف فرديناند بويسون: مؤسسة اجتماعية ضرورية، تكمن أهميتها في إبقاء عملية التواصل بين الأسرة والدولة، بهدف إعداد جيلٍ جديد يندمج في الحياة الاجتماعية.
- تعريف فريدريك هاستن: نظام معقد يعتمد على السلوك المنظم الذي يحقق مجموعة من الوظائف والمهام في إطارٍ معين من النظام الاجتماعي.
- تعريف ريموند بدون: نظام اجتماعي يقوم بمجموعة من الوظائف مثل وظيفة الإدماج ووظيفة الحراك الاجتماعي، وهذا النظام التعليمي يضم مجموعة من الأشخاص يتميزون بالمعرفة، وهدفهم إخراج جيل جديد على كفاءة عالية، والعمل على استمرارية هذا النظام.
خصائص المدرسة
للمدرسة خصائص معينة باعتبار أنها مؤسسة اجتماعية ومن هذه الخصائص ما يلي:
- تعتبر المدرسة المؤسسة الاجتماعية والتربوية التي تعمل على إعداد المتعلم ليكون شخصاً إيجابياً في المجتمع.
- تتكون المدرسة من مجموعة أفراد ضمن فئتين؛ المدرسون والتلاميذ حيث يتميز المدرسون بقدرٍ من الثقافة والعلم والمقومات الأكاديمية، وهم الذين يقومون بعملية التعليم، أما الفئة الثانية وهم التلاميذ الذين يتلقّون التعليم، وهذه الفئة تخضع للعديد من الاختبارات، أما ما تبقى من أفراد في هذه المؤسسة كالإداريين وغيرهم، فهم في مقام الوسائل المساعدة على عملية التنظيم، وتسهيل العملية التعليمية.
- يقوم عمل المدرسة عن طريق التفاعل الاجتماعي، وذلك بالتمركز حول العملية التعليمية، وضرورة إلزام الطالب بالتقيد بما جاءت به المناهج الدراسية من تطبيق مجموعة من الحقائق والمهارات والقيم الأخلاقية.
- تعتبر المدرسة النقطة المركزية للعلاقات الاجتماعية العديدة المتفاعلة بعضها مع بعض كالتلاميذ والمدرسين والمجتمع الذي يعيشون فيه.
- يسود في المدرسة شعور بالفخر والانتماء تجاه هذه المؤسسة التعليمية، وأن الفترة التي يقضونها في المدرسة هي أهم فترات حياتهم، ويظهر هذا الشعور بشكلٍ واضح في المباريات التنافسية.
- تنتشر في المدرسة ثقافةٌ معينة تمثل جانباً أساسياً من أخلاق الطلبة والمدرسين وسلوكهم، ويكون لها دورٌ بارزٌ في تقوية العلاقات والروابط فيما بينهم.
وظائف المدرسة
إنّ وظيفة المدرسة لا تقتصر على تعليم الطلبة بعضاً من العلوم والمعارف العلمية، بل تتعدى وظيفتها إلى أكثر من ذلك مثل:- النقل الثقافي، حيث تعمل المدرسة على نقل التراث الثقافي الموروث إلى الجيل الجديد بأسلوبٍ سهلٍ وميسّر بعد تنقيحهِ وتطهيرهِ من الخرافات التي كانت عالقةً به.
- التكامل الاجتماعي، ذلك أنّ المجتمع يحتوي على العديد من الجماعات المختلفة، فيأتي دور المدرسة، لإزالة التناقضات التي قد توجد بين هذه الجماعات، وتحقق التكامل فيما بينها.
- النمو الشخصي لطالب المدرسة فهي تعمل على رعايته داخل حدودها وخارجها، وذلك بتكوين شخصيته القوية المتماسكة.
- تنمية أنماط سلوكية واجتماعية جديدة لدى الفرد، والعمل على تنميتها على أسسٍ علمية ومعرفية، ليستطيع الطالب أن يتكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه.
- تنمية القدرات الإبداعية، فالمدرسة تعمل على تنمية القدرات العلمية، وترعى الأفكار الإبداعية، وتنمي لدى الطالب الفضول المعرفي الذي يدفعه للنجاح.
- توفير المناخ المناسب الذي يشجع الطالب على ممارسة حقه الديمقراطي، وعلاقتهِ الإنسانية في المدرسةِ وخارجها.
دور المدرسة في الصحة النفسية للطلبة
تُعد المدرسة البناء التربوي والاجتماعي السليم للأبناء، والذي يحتل المرتبة الثانية بعد الأسرة، لما تُقدّمه من بيئة تساهم في دعم الصحة النفسية والاجتماعية للطلاب، فهي لها أهميةٌ كبيرةٌ في توفير الرعايةِ لهم، خاصةً أنّ دور الأسرة هذه الأيام لم يعد كما كان سابقاً، نظراً لكثرة الانشغالِ بالأعمال، وضيق الوقتِ، وعِظم المسؤوليات التي يتولاها المربون، أما سابقاً فقد كانت الحياة تتميز بالسهولةِ واليسر، وفيها شيءٌ من البساطةِ، ومتطلبات الحياة محدودة، من هنا جاءت أهمية المدرسة، والدور الذي تؤديه في رعاية الأبناء وتنشئتهم، فهم يمضون فيها أغلب يومهم، وبذلك فإنّ دور المدرسةِ لم يعد مقتصراً على التعليم الأكاديمي، ووسطاً لتلقي المعلومات العلمية، والمهارات المختلفة، بل أصبح المجتمع الصغير الآمن الذي يتفاعل فيه الأعضاء مع بعضهم، وتتكون فيه شخصية الطالب نتيجة تأثره بالآخرين من حوله، فهو يجد الرعاية والعناية البدنية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية، في وقتٍ واحد.
ففي المدرسة يكتسب الطالب المهارات العديدة، كمهارة التفكير التي تتولد نتيجة العمل الجماعي بين التلاميذ، وتكوين الصداقات، والقيام بالعديد من الأنشطة المختلفة داخل المدرسة، كل ذلك يعمل على صقل شخصية الطالب، ويُنمي من قدرته على حل المشكلات التي تواجهه، وتحمل المسؤولية التي تقع على عاتقه، فالمدرسة يأتي دورها مُكملاً لدور البيئة الأولى للطالب وهي الأسرة، فهي تهدف لتربية جيلٍ قويٍ سليمٍ، تعلم كيف يسعى للنجاح، وكيف يقابل الفشل الذي يعترض طريقه، وكيفية التوافق النفسي مع الظروف، فيُقبل على الحياة بكل أملٍ وتفاؤلٍ وحماس.
المراجع
- ↑ زهرة عثمان وعبيدة صبطي (2012م - 2013م)، أساليب التربية الاجتماعية بين الأسرة والمدرسة وكفاءة المتعلم الابتدائي (الطبعة الأولى)، بسكرة - الجزائر: كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، صفحة 56 - 57، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ حنان مالكي، المدرسة والحراك الاجتماعي (الطبعة الأولى)، بسكرة: جامعة محمد خيضر، صفحة 348، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ زهرة عثمان وعبيدة صبطي (2012م - 2013م)، أساليب التربية الاجتماعية بين الأسرة والمدرسة وكفاءة المتعلم الابتدائي (الطبعة الأولى)، بسكرة - الجزائر: كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، صفحة 57 - 59، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ فايز بن عبد العزيز الفايز، المدرسة والتنشئة الاجتماعية (الطبعة الأولى)، جامعة الملك سعود: كلية التربية، صفحة 19 - 24، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب فرغلي هارون (22 - 6 - 2013م)، "المدرسة والصحة النفسية لأبنائنا"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20 - 8 - 2017م. بتصرّف.