نسمع كلمة البركة كثيرا ولكن لا نجدها فى حياتنا، فلا يوجد بركة فى الرزق أو فى الوقت، وذلك لبعدنا عن أسباب جلب البركة لطغيان متاعب الحياة المادية على الناس.
البركة هى نزول الخير الالهى فى الشئ ، و ثبوته فيه و هى كذلك الزيادة فى الخير ، و الاجر و كل ما يحتاجه العبد من منافع فى الدنيا، و الاخرة و تكون من عند الله ولا تنال إلا بطاعته عز وجل..
هى الزيادة و النماء ، فالبركة فى المال زيادته ، و فى الدار وسعها و سكينتها وهدوئها ، وفي الطعام وفرته، وفى الاولاد كثرتهم و حسن اخلاقهم ، وفي الاسرة تفاهمها و تآلفها ، وفي الوقت اتساعه لقضاء الحوائج فيه ، في الصحة تمامها ، وفي العمر طوله و حسن العمل فيه ، و في العلم الاحاطة و المعرفة ، فالبركة جوامع للخير و كثرة النعم ، فليس من الغريب بعد ذلك ان نطلب البركة و نسعى اليها ، لذلك نقدم إليك مفاتيح لجلب البركة من القرآن والسنة..
كيف نستجلب البركة ؟
أولاً / تقوى الله عز وجل :
قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ الأعراف96 ] .
ثانياً / قراءة القرآن الكريم :
قال تعالى : { وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } [ الأنعام92 ] .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ ، يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهْوَةَ فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ : مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، قَالَ : فَيَشْفَعَانِ " [ رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجاله محتجّ بهم في الصحيح، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع ، وغيره بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ] .
ثالثاً / الصدق في البيع والشراء :
من التجار من يقول أن السلعة أصلية وهي ليست أصلية ، بل مقلدة ، ومنهم من يغش في بيعه وشرائه ، فأولئك بركة بيعهم ممحوقة والعياذ بالله .
عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، فَإنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا ، وَإنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا " [ متفق عليه ] .
رابعاً / الصدق بين الشركاء :
من الشركاء من يسرق من مال صاحبه ، ولا يخبره بحقيقة البيع والشراء ، فهذا ممحوق البركة والعياذ بالله .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله : " أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه ، فإذا خان خرجت من بينهما " ، زاد رزين فيه : " وجاء الشيطان " [ رواه أبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد والدار قطني ولفظه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يد الله على الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان أحدهما صاحبه رفعها عنهما " [ وضعفه الألباني رحمه الله تعالى ] .
خامساً / البعد عن الفسق :
الفسق نوعان :
فسق أكبر : مخرج من ملة الإسلام ، كالكفر والنفاق ، أو جحد أمر من أمور الدين كأركان الإسلام ، وأركان الإيمان ، أو تحليل أمر محرم معلوم من الدين بالضرورة ، كتحليل الربا أو الزنا أو اللواط ، أو السرقة وغير ذلك كثير .
فسق أصغر : وهو ارتكاب الذنوب ، واقتراف المعاصي ، دون حل لها ، بل يعلم أنها حرام ، ومع ذلك يتبع هواه والشيطان ، ويعصي الرحمن ، فهذا فسق لا يخرج من دين الإسلام ، لمعرفة العبد حرمته ، ولكن تجرأ على المعصية اتباعاً للهوى والشهوات ، فهذا على خطر عظيم إن لم يتدارك نفسه بالتوبة النصوح ، والعودة إلى الله تعالى قبل الموت .
قال تعالى : { قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } [ التوبة53 ] .
سابعاً / البكور في كل أمر :
عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم بارك لأمتي في بكورها " [ أخرجه أحمد ] .
فالبكور فيه خير وبركة ، ومن أعظم البكور ، أن تصلي الفجر في وقتها مع جماعة المسلمين ، ولا تؤخرها إلى ما بعد طلوع الشمس ، فليس ذلك ببكور ، بل ذلك تأخير وفتور وضمور .
ثامناً / الاستخارة :
عن جابرِ بنِ عبدِ اللّه رضيَ اللّهُ عنهما قال : " كان رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يُعلِّمُنا الاستخارةَ في الأُمورِ كما يُعلِّمنا السورةَ منَ القرآنِ يَقولُ : " إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فلْيَركعْ رَكعتَينِ منِ غيرِ الفريضةِ ، ثمَّ لِيَقُلْ : اللَّهمَّ إني أستخيرُكَ بعلمك ، وأستَقدِرُكَ بقُدرَتِكَ ، وأسألُكَ من فضلكَ العظيمِ ، فإنَّكَ تَقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتَعلمُ ولا أعلَمُ ، وأنتَ علاَّمُ الغُيوب ، اللهم إِنْ كنتَ تَعلم أن هذا الأمرَ ـ ثم يسمِّيه بعينِهِ ـ خيراً لي في عاجلِ أمري وآجِلِهِ ـ قال : أو في دِيني ومعاشي وعاقِبةِ أمري ـ فاقدُرْه لي ويَسِّرْه لي ثم باركْ لي فيه ، وإن كنتَ تَعلم أنه شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري ـ أَو قال في عاجِلِ أمري وآجِلِه ـ فاصرفه عني ، واصرِفني عنه ، واقْدُرْ لي الخيرَ حيثُ كان ثم رضِّني به " [ أخرجه البخاري ] .
فهل نحن عملنا بوصية رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم ، أم أننا تخلينا عن هذه السنة العظيمة ؟
تاسعاً / الدعاء :
والدعاء من أجَلِّ العبادات ، وأرفعها منزلة عن ملك الأرض والسموات ، فالدعاء هو العبادة ، والدعاء صلة بين العبد وربه ، فيجب على العبد ألا يغفل عن هذا الباب العظيم ، والحبل الممدود بين الله وبين عبيده ، فبالدعاء تستجلب البركة والرحمة والمغفرة من الله الرحيم الرحمن
عاشراً / التوكل على الله :
التوكل مأخوذ من الوكالة ، وكل فلان أمره إلى فلان : أي فوض أمره إليه ، واعتمد فيه عليه .
الحادي عشر / بر الوالدين ، وصلة الرحم :
بر الوالدين وصلة الرحم من أعظم أسباب استجلاب البركة ، بركة العمر ، وبركة المال ، وبركة الوقت ، وبركة الأبناء
الثاني عشر / السحور :
وقد بين الحبيب صلى الله عليه وسلم بركة السحور في حديث : " إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها " [ أخرجه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 1636 ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : " تسحروا فإن في السحور بركة " [ متفق عليه ] .
الثالث عشر / الانتفاع بالدنيا بما يفيد في الآخرة :
عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قالَتْ : قالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : " إن الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، فَمنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا بَارَكَ اللّهُ لَهُ فِيهَا ، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ في مَالِ اللّهِ وَرَسُولِهِ لَهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " [ رواه الطبراني بإسناد حسن ، وصححه الألباني في الصحيحة برقم 1592 ، وفي صحيح الجامع 1/3410 ] .
وَعَنْ عَبْدِ اللْهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولَ : " إن الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، فَمنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا بَارَكَ اللّهُ لَهُ فِيهَا، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ لَيْسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ النَّارُ " [ رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات وصححه الألباني في صحيح الجامع وهو في الصحيحة 4/123 ] .
الرابع عشر / اتخاذ الغنم :
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل ؟ فقال : " توضؤوا منها " وسئل عن لحوم الغنم ؟ فقال : " لا تتوضؤا منها " وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل ؟ فقال : " لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين " وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم ؟ فقال : " صلوا فيها فإنها بركة " [ أخرجه أبو داود وصححه الألباني 1/133] ، وفي رواية : " اتخذوا الغنم فإنها بركة " [ صحيح انظر حديث رقم: 82 في صحيح الجامع ] .
وقال عليه الصلاة والسلام : " الإبل عز لأهلها ، والغنم بركة ، والخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة " [ أخرجه البيهقي عن عروة البارقي ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2760 ، وحديث رقم 4181 ] .
الخامس عشر / سور البقرة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ، اقرءوا الزهراوين : البقرة وآل عمران ، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف ، يحاجان عن أصحابهما ، اقرءوا سورة البقرة ، فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولا تستطيعها البطلة _ السحرة _ " [ أخرجه مسلم ] .
السادس عشر / تيسير المهر :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعظم النساء بركة ، أيسرهن مئونة _ أي مهراً وتكلفة _ " [ أخرجه أحمد وضعفه الألباني رحمه الله ] .
السابع عشر / أكل التمر :
عن سلمان بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أفطر أحدكم ، فليفطر على تمر ، فإنه بركة ، فإن لم يجد فليفطر على ماء ، فإنه طهور " [ رواه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجة والدارمي ، وصححه الألباني رحمه الله ، ولم يذكر فإنه بركة غير الترمذي ] .
الثامن عشر / السلام على الأهل :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم ، يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك " [ رواه الترمذي وقال : حسن صحيح ، وقال الألباني : حسن لغيره ] .
التاسع عشر / الحجامة :
أخرج البيهقي وابن السني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحجامة على الريق أمثل ، وفيه شفاء وبركة ، وتزيد في العقل ، وفي الحفظ ، فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس ، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت ويوم الأحد تحرياً ، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء ، فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء ، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء ، فإنه اليوم الذي ابتلي فيه أيوب ، وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء ، أو في ليلة الأربعاء " [ حسنه الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع برقم 3169 ] .
العشرون / ماء السماء :
والمقصود به ماء المطر ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما أنزل الله من السماء من بركة ، إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين ، ينزل الله الغيث فيقولون : بكوكب كذا وكذا " [ رواه مسلم ] .
المصادر